شيخ الإسلام ابن تيمية
شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وشى به علماء السوء، علماء السلاطين، علماء الدنيا وشوا به إلى السلاطين، فيخرج من سجن إلى سجن، ويطارد، ويؤذى، ويعذب.
كان علماء السوء يكتبون فيرد عليهم وهو في السجن، ويبين الحق دون أي مجاملة، يحضر إلى السلطان ويقول كلمة الحق دون أي مجاملة في دين الله -عز وجل- ولا مداهنة، يقول الحق أمام السلطان وفي غيابه، في السجن وخارج السجن؛ لأن هذا دين مؤتمن عليه، فلا بد أن يقوله ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ))[آل عمران:187] فلا يمكن أن يكتموه ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ))[الأحزاب:39] لا يمكن أن تكون هناك مداهنة في دين الله عز وجل، فكان هذا حاله.
لما تبين للسلطان أن علماء السوء كاذبون، وأنهم ظلموه وافتروا عليه بما لم يقل وتقولوا عليه زوراً، حكَّمَه فيهم، قال له السلطان: ماذا تريد أن أفعل بهم؟ قال: لا شيء، قد عفوت عنهم، وقد صفحت ولا أؤاخذهم بأي شيء!
سبحان الله! الناس ينتظرون هذه الفرصة!! الذين ظلوا طول الدهر وهم وراءك بالباطل، وبالإفك، والزور، وبالأباطيل، وهذه الفرصة قد جاءتك، وهذا حق لك، ليس هناك أي حرام فيه، بل هذا حق لك أن تأخذه، ولكنه يريد أن يقتدي برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبالصحابة الكرام، يهدر حق النفس من أجل إعلاء كلمة الله، ومن أجل حق الله عز وجل.
ولهذا أقر منهم من أقر واعترف منهم من اعترف بفضله وإمامته وحسن خلقه -رضي الله عنه- لأنهم رأوا أن الرجل لا يريد إلا الحق، لا ينتقم، ولو كان يريد الانتقام لاستغل هذه الفرصة، وقال: افعل بهم كذا وكذا.